دقيقتان فقط .. تكفى

عدد الرسائل : 29 تاريخ التسجيل : 10/03/2008

كان عليه الإنتظار دقيقتين قبل كل ساعة تمر فى ساعة الحائط المثبتة فى غرفة عمله . ورغم انها كانت تعلن مرور الساعة فى وقار إلا انه كان يسمع صوتها يدق فى عقله .. دن ..دن.
معلنة تحديها لساعة جواله والتى قد أعلنت مرور الساعة قبل دقيقتين .
كان مقتنع تماما ان ساعته هى الصواب ، حتى انه لم يكترث بسخرية صديقه عندما أكد له أن ساعته ايضاً مثل ساعة العمل ، وان ساعته هو تتقدم بدقيقتين عن توقيت المدينة بأسرها . إلا انه كان يحاول دائما إقناع رئيسه بخطأ الساعة التى تقطن فوق رأسه ، لكن الأخير لم يأبه بتلك المحاولات لأنه ايضاً كان يضبط ساعته على تلك الساعة .
كم كانت تؤرقه تلك الساعة فيشعر انه ينتظر العالم على بوابة الزمن بانتظاره هاتين الدقيقتين .
كم تمنى ان يقف على كرسى رئيسه ليُقدم عقارب تلك الساعة الملعونة دقيقتين ،
دقيقتين فقط !! او يهشم عقاربها الهادئة حد التوتر وسيكون وقتها على أتم الاستعداد ان يهدى رئيسه ساعة جديدة اجمل وبالطبع مضبوطة تماما على ساعته !!
ولكنه كان يهاب تلك الكاميرات المثبتة فى اركان الغرفة والتى يختلس النظر إليها من وقت لآخر بينما كان لديه شعور دائم انها ترمقه بنظرات عدوانية محذرة إياه ان يمس ساعة الحائط وإلا ستعلن حالة الطوارىء عن محاولة جنونية بالإخلال بنظام العمل ، بتقديم الساعة دقيقتين !!
بينما كان يجذبه من تلك الأفكار صوت الكمان الذى يشدو به جواله مع مرور كل ساعة فيغيب عن الوعى لمدة دقيقتين عاقداً كفيه تحت ذقنه مقلباً نظره فى حركة دائرية الى رئيسه ثم ينظر فوقه الى الساعة ثم الى الكاميرا ثم يعاود النظر حتى يشعر ان الساعة تدور فى رأسه ببطء متحذلق . حتى يستفيق من غفلته على تلك الصوت دن .. دن .
اخيراً .. قرر ان يؤخر ساعته أربع دقائق ، ويبتسم .
ولينتظره العالم هاتين الدقيقتين .